التعريف بالإسلام ومحاسنه

42
hvips01-23-1

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد: فقد قال الله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا [المائدة:3] وقال تعالى: إِنََّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ [آل عمران:19] وقال تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85]
والإسلام هو: الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله، ولقد كان الشرك عقيدة العرب قبل ظهور دعوة محمد ﷺ، روى البخاري عن أبي رجاء العطاردي قال: كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو خير منه ألقيناه وأخذنا الآخر فإذا لم نجد حجرا جمعنا حثوة من تراب ثم جئنا بالشاة فحلبنا عليه ثم طفنا به.
أما حال الأمم عامة قبل ظهور دعوته ﷺ، فقد بينها القرآن الكريم في آيات كثيرة، منها قوله عز وجل: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ [يونس:18] الآية. وقوله سبحانه: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّاا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3].
وقوله سبحانه: إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ۝ وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [الأعراف:27، 28] إلى قوله سبحانه: إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ [الأعراف:30].
وقال عز وجل: وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَاا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [الأنعام:136].
والآيات في هذا المعنى كثيرة، ودلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ﷺ، وما ذكره كتاب السيرة النبوية والمؤرخون والثقات بأحوال الأمم: أن أهل الأرض قد تنوع شركهم قبل مبعثه عليه الصلاة والسلام، فمنهم من يعبد الأصنام والأوثان، ومنهم من يعبد أصحاب القبور، ومنهم من يعبد الشمس والقمر. والكواكب، ومنهم من يعبد غير ذلك، فدعاهم رسول الله ﷺ إلى أن يعبدوا الله وحده، وأن يدعوا ما هم عليه وآباؤهم من الباطل، كما قال الله عز وجل: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف:158]
وقال سبحانه كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [إبراهيم:1] وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ۝ وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا [الأحزاب:45، 46] وقال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5] وقال عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِيي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:21] وقال سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23] الآية والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وقد أوضح سبحانه في آيات كثيرات أن هؤلاء المشركين كانوا مع شركهم وكفرهم يعترفون بأن الله خالقهم، ورازقهم، وإنما عبدوا غيره على أنه واسطة بينهم وبين الله كما سبق في قوله سبحانه: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ [يونس:18] وما جاء في معناه من الآيات، ومن ذلك قوله سبحانه: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ [يونس:31] وقوله سبحانه: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ [الزخرف:78] وغيرها من آيات كثيرات صريحة في هذا المعنى.
فجاءت بعثة سيدنا محمد ﷺ بدين الإسلام الخاتم ليس للعرب وحدهم، بل وللناس كافة، جاءت في وقت البشرية جمعاء بأمس الحاجة إلى من يخرجهم من الظلمات إلى النور.
وهذا الدين العظيم وهو الإسلام يقوم على أسس وقواعد خمس: وهي أركانه، كما في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحجج البيت.
فالشهادتان أول أركان الإسلام وأهمها، وهذه الكلمة العظيمة ليست عبادة تنطق باللسان فحسب، وإن كان بهما يصبح مسلما ظاهرا، بل الواجب العمل بمدلولهما، ويتضمن ذلك إخلاص العبادة لله وحده، والإيمان بأنه المستحق لها، وأن عبادة ما سواه باطلة.
كما يقتضي مدلولهما محبة الله سبحانه، ومحبة رسوله ﷺ، وهذه المحبة تقتضي عبادة الله وحده وتعظيمه وإتباع سنة نبيه، كما قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31] كما أن من مدلولهما طاعة رسول الله فيما أمر به قال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] وجاء في الحديث المتفق على صحته: ثلاث من كنن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما الحديث وقوله ﷺ: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين.

لا تعليق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *